قصتنا اليوم من أغرب القصص: فهي قصة رجل غامض غريب، فبها لغز، وبالرغم من أن سورة الفاتحة (7 )آيات فقط لا غير، وبالرغم من أن هناك أحكام في القرآن موجودة في (3) آيات فإن قصتنا اليوم جاءت في القرآن في (22) آية، إذًا، فهناك رسالة مهمة، ولكن لا يشعر بها ولا يعيشها أحد. هناك لقاء تاريخي، لقاء في منتهى الغرابة بين نبي من أعظم الأنبياء وعالم غيرعادي، عالم غامض، والغريب أن النبي هو الذي سعى للقائه. قصتنا اليوم هي قصة سيدنا موسى والخضر، واليوم لا نحكي قصة سيدنا موسى وإنما نحكي قصة الخضر.
مكانة العلم قديما وكيف أصبحنا؟
سافر سيدنا موسى آلاف الكيلومترات ليقابل هذا الرجل ويتعلم منه ثلاثة مواضيع ثم يعود. العلم الذي لم يعد موجودا وأهملته الأمة، العلم الذي أصبح العالم العربي ينظر إليه على أنه من الكماليات، أُمة "اقرأ" والتي أول آياتها في قرآنها "اقرأ"، أربعون في المائة من أفرادها لا يعرفون القراءة والكتابة! والمتعلمون لا يهتمون بالقراءة
هدف القصة:
يا شباب، اقرأوا كثيرا، فكفى دخولا على شبكة الإنترنت للعب والدردشة والدخول على المواقع الإباحية، وادخلوا على مواقع مفيدة للتعلم ، يجب أن تتعلموا وتقرأوا كثيرا، فمن خلال قصة موسى أريد أن أقول ثلاث صفات يجب أن تكون موجودة فيمن يريد أن يتعلم كما أريد أن أوضح لكم ست عشرة صفة اختر منها عشر صفات، لو حافظت عليها ستة أشهر أضمن لك النجاح ومستقبلا باهرا لك ولأمتك. فما هي قصة موسى والخضر؟
دليل أهمية قصة موسى والخضر:
أراد الله سبحانه وتعالى لتلك الأمة أن تنهض، فتقول الآيات: { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ ... * وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا... } (القصص: 4،5) بماذا ستمن يا الله على تلك الأمة الضعيفة؟ بالعلم أول شئ. تلك القصة لأهميتها موجودة في القرآن وحكاها النبي؛ عندما نجد شيئا مرتين نعرف أن تركيزا غير عادي عليه، مثلها مثل قصة أصحاب الأخدود، فهما القصتان الوحيدتان اللتان تجد النبي يقصهما، وفي الوقت نفسه موجودتان في القرآن بتفاصيل عديدة.
الغموض للانتباه إلى قيمة العلم:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل ينصحهم بالعلم وأهميته، وفي وسط تلك الخطبة قام رجل من بني إسرائيل وقد تأثر بحديثه قائلا: "يا نبي الله، من أعلم أهل الأرض؟" فنظر موسى حوله ونظر إلى قصر فرعون وقال: "أنا"، فعتب الله عليه؛ لأنه لم ينسب العلم إلى الله ولم يقل (الله أعلم)! فماذا سيحدث الآن وهم لا يريدون أن يتعلموا؟ ستحدث قصة مثيرة. حدث يوقظ بني إسرائيل ويلفت انتباههم لأهمية وقيمة العلم، عندما أجاب موسى الرجل وقال: "أنا"، في تلك اللحظة نزل عليه جبريل بعتاب الله عليه وأخبره أن لله عبدا أعلم منه.
تعجب بنو إسرائيل كثيرا لهذا، فكيف يكون هناك من هو أعلم من موسى، وهو كليم الله، والذي ينزل عليه التوراة؟ وهناك ما سيجذب انتباههم أكثر للعلم بالتشويق؛ لأنهم قوم جدل لأن الكلام النظري لم يؤتِ بثماره معهم، ثم قال له جبريل: إن لله عبدا عند مجمع البحرين اذهب وتعلم منه. أين مجمع البحرين؟ لا يوجد له في الخريطة إلا منطقتين: إما رأس محمد بسيناء، أو التقاء النيل الأبيض مع النيل الأزرق بالسودان، فاتعب يا موسى وسافر للبحث، فالعلم يحتاج إلى تعب، وبدأت الأحاديث الجانبية لبني إسرائيل وسؤالهم عن تلك القصة الغامضة، فموسى من المحتمل أن يسافر للبحث، وهو حتى لا يعرف أي منطقة، سيبحث في مصر من الشمال للجنوب، وفي هذا دليل على قيمة العلم وأنه غالٍ. تخيل أن كل هذا في ديننا والأمة أغلبها لا يقرأ! فقال موسى: " يا رب، دلني عليه"، حيث إن الرحلة غامضة، فقال: " يا موسى احمل حوتا مملحا، وضعه في متكل، واحمله، وسر به إلى مجمع البحرين، ستجد الرجل". استخدم الله مع بني إسرائيل التشويق، فهذه الطريقة المفتقدة الآن في العالم العربي موجودة في القرآن.
لماذا لم يأخذ جبريل موسى مباشرة إلى الرجل؟ لأن هذا هو حال العلم اليوم وهو لا يؤدي إلى النجاح، يجب أن يتعب موسى ليُظهر للأمة أهمية العلم، فكيف يخرج بعض الناس أولادهم من المدارس؟ يا شباب، هل ذهبتم إلى أي قرية لتعلموا أبناءها؟ وأنت يا متعلم، هل أنت متعلم بحق أم تبحث فقط عن الشهادة والدرجات؟ وأنتم يا آباء ويا أمهات، أين التشويق لتحببوا أولادكم في العلم؟ من السهل أن تأخذ أولادك إلى المدرسة، ولكن هل تستطيع أن تجعلهم يعشقون العلم؟ الهدف من قصة اليوم هو أن يصل إليك أنك لو كنت تحب الله يجب أن تعشق العلم.
صفات من يرغب بالتعلم:
هناك ثلاث صفات يجب أن تكون فيمن يرغب بالتعلم: الصفة الأولى، إصرار وعزيمة وصبر شديد على التعلم. الصفة الثانية، أدب وتواضع مع من ستتعلم منه. الصفة الثالثة، أن ترغب بتعلم كل ما هو مفيد. والثلاث صفات موجودة بالقصة. بالنسبة للصفة الأولى: انظر للآية { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا } (الكهف60)، و(الحقبة) خمسة وعشرون عاما، أتلاحظ الاهتمام بالعلم؟ فموسى لا يعرف حتى نوعية العلم الذي سيذهب للحصول عليه لكن أترى الإصرار على التعلم؟
قيمة الإصرار على العلم:
ذهب شاب إلى حكيم وقال له: " أريد أن أتعلم كل ما تعرفه". قال له الحكيم: " أصادق أنت؟"، قال: "نعم". قال: "فاتبعني إلى النهر"، ثم طلب منه الحكيم أن ينظر إلى صفحة الماء، قال الشاب: لا أرى شيئا، فطلب منه الحكيم أن يخفض رأسه فأخفضها، فأمسك الحكيم برأس الشاب وأنزلها في الماء ثم قال له: ما الشيء الذي كنت ترغب به وأنت قريب من الغرق؟ قال الشاب: الهواء. فقال له الحكيم: لو أن رغبتك في الحصول على العلم مثل رغبتك في الحصول على الهواء عندها فقط سوف أعلمك. يقول الله سبحانه وتعالى {... وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا } (طه114)، نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الخمسين من عمره، يجب ألا نشبع من العلم وأن نطلب المزيد.
قيمة العلم وطلبته والمعلمون:
انظر إلى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم " فضل العالم على العابد كفضلي على أبنائكم". وانظر لحديث آخر "إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت ليصلون لمعلم الناس الخير"، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم " من سلك طريقا يبتغي فيه علما، سهل الله له طريقا إلى الجنة". والحديث الشريف "وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع". فطالب العلم ليس فقط الذي يذاكر، ولكن اقرأ ولو كتابا واحدا في الأسبوع. أيضا حديث النبي صلى الله عليه وسلم " إن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء". وحديث النبي صلى الله عليه وسلم " فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب". وهذا الحديث حين يقول رسول الله " إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينار ولكن ورثوا هذا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر".
.
رحلة موسى للبحث عن الخضر:
وانطلق موسى والفتى في رحلتهما للبحث عن العلم، وتصف لنا الآيات تلك الرحلة: { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا * فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا... } (الكهف:60،61)، ومن شدة التعب والسفر نسي يوشع بن نون، وكان معهما في المكتل طعام للرحلة، والسمكة المشوية ولكنها ليست للأكل وإنما علامة، فماذا حدث؟ وصلا إلى مجمع البحرين حيث من المفترض أن يجدا الخضر، ودب الله سبحانه وتعالى الروح في السمكة وقفزت من المكتل وهما في الطريق، يقول تعالى { فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا } (الكهف62)، فلما فتح يوشع بن نون المكتل ليخرج الغذاء لم يجد السمكة، فأحرج وقال: { قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ... } (الكهف63)، فالشيطان لا يريد لتلك الرحلة أن تتم؛ لأنه لقاء عالم بنبي وسنتعلم منها كثيرا، ولكن سبحان الله! فالشيطان قد ينسيك ولكن نيتك خير لعله خير.
في النهاية، أريد أن أنصحكم بأن تقوموا بفعل عشرة أشياء مما سأقوله الآن، وأنا أضمن لمن سيفعلها مستقبلا باهرا وغير عادي، وحياة ناجحة ومميزة، العلم يا شباب، فلقد رأيتم كيف حثنا الله ورسوله على العلم!
1- اقرأ كل أسبوع أو أسبوعين كتابا. ( مهم جدا )
2- اقرأ جريدة هادفة كل يوم.
3- اشترك في مجلة ثقافية.
4- سافر لمشاهدة العالم.
5- تعلم حرفة على أيدي حرفي مهما كنت مقتدرا.
6- قم بزيارة آثار ومعالم ومتاحف بلدك مع خبير.
7- رافق إنسانا ناجحا أو صاحب تجربة في الحياة ولو حاملا له حقيبته.
8- شاهد قناة ديسكفري.
9- شاهد نشرة الأخبار يوميا.
10- ابحث عن تاريخ عائلتك.
11- حاول كتابة قصة أو شعر أو أغنية أو أي فكرة.
12- ناقش واسأل في الكلية أو الفصل، سألوا فائزا بجائزة نوبل عن سبب فوزه قال إن والدته كانت تحثه على أن يسأل كل يوم سؤالا مفيدا للأستاذ!
13- العب شطرنج.
14- ادخل على النت على مواقع ثقافية.
15- اذهب لزيارة مكتبة عامة.
16- اعمل في الصيف.
17- تعلم كل ثلاثة أشهر مهارة أو رياضة جديدة.