mr.ahmed المدير العام
رقم العضوية : 1 mms : عدد الرسائل : 9014 الموقع : جروب الحب العمل/الترفيه : محاسب الهوايات : الكمبيوتر اعلام : المزاج : الهوية : تاريخ التسجيل : 28/07/2008 عدد المواضيع : 11591 السٌّمعَة : 38
| موضوع: تعريف المسيح الدجال 10th يونيو 2010, 10:33 pm | |
| الدجال مشتق من دَجَل. ودَجَلَ الشيءَ غطَّاه. وقال ابن سيده: المسيح الدجال رجل من يهود يخرج في آخر هذه الأمة، سمي بذلك لأنه يدجل الحق بالباطل، وقيل: لأنه يغطي الأرض بجموعه، وقيل: لأنه يغطي على الناس بكفره، وقيل: لأنه يدّعي الربوبية، سمي بذلك لكذبه، وكل هذه المعاني متقارب. قال ابن خالويه: ليس أحد فسر الدجال أحسن من تفسير أبي عمرو قال: الدجال المموِّه. يقال: دَجَلْتَ السيفَ موَّهْتَه وطليتَه بماء الذهب. وجمعه: دجالون ودجاجلة. وقال أبو العباس: سمي دجالاً لتمويهه على الناس وتلبيسه وتزيينه الباطل . وقد عرّفه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه بالكذَّاب. حديث الجَسَّاسَة :
هذا الحديث الشريف ترويه فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث الناس عن الدجال، كما سمعه من الصحابي الجليل تميم الداري الذي كان نصرانياً ثم جاء فأسلم وحدث النبيَّ صلى الله عليه وسلم بحديث يوافق ما كان يحدث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن الدجال وصفته. وهنا حق علينا أن نعرف بتميم الداري رضي الله عنه. قال الذهبي رحمه الله في " سير أعلام النبلاء " عنه: » صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو رقية، تيميم بن أوس بن خارجة بن سود بن جذيمة اللخمي، الفلسطيني. وفد تميم الداري سنة تسع فأسلم، فحدث عنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم على المنبر بقصة الجساسة في أمر الدجال. ولتميم عدة أحاديث. وكان عابداً، تلاَّءً لكتاب الله. قال ابن سعد: لم يزل بالمدينة حتى تحوّل بعد قتل عثمان إلى الشام. [وقال]: كان وفد الداريين عشرة، فيهم: تميم. وكان تميم يختم القرآن في سبع. وعن مسروق: قال لي رجل من أهل مكة: هذا مقام أخيك تميم الداري، صلى ليلةً حتى أصبح أو كاد، يقرأ آية يرددها ويبكي: ) أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ( الجاثية:20. يقال: وجد على بلاطة قبر تميم الداري: مات سنة أربعين. وحديثه يبلغ ثمانية عشر حديثاً، منها في صحيح مسلم حديث واحد « اهـ كلام الذهبي بتصرف .
قالَ الإِمامُ مُسْلم في صَحيحه: حَدَّثَنا عبدُ الوارِث بن عبد الصَّمَد بن عبد الوارث - واللَّفظُ لِعبد الوارث بن عبد الصّمَد- حدَّثَنا أبي عن جَدّي عن الحُسَيْنِ بنِ ذََكْوان حَدَّثَنا ابنُ بُرَيدَة حَدَّثَني عامِرُ بنُ شُراحيل الشَّعبي - شَعْبِ هَمْدان - أنَّهُ سَأَلَ فاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أُخْتَ الضَّحَّـاك بنِ قيْس - وكانَتْ مِنَ المُهاجِراتِ الأُوَلِ - فَقالَ: حَدِّثيني حَديثاً سَمِعْتيهِ مِنْ رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا تُسْنِديهِ إلى أَحَدٍ غَيْرِهِ. فَقالَتْ: إنْ شِئْتَ لأَفْعَلَنْ. فَقالَ لَها: أَجَلٌ، حَدِّثيني. فَقالَتْ: نَكَحْتُ ابْنَ المُغيرَةَ وَهُوَ مِنْ خِيارِ شَبابِ قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ، فَأُصيب في أَوَّلِ الجِهادِ مَعَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمّا تَأَيَّمْتُ خَطَبَني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ في نَفَرٍ مِنْ أَصحابِ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وخَطَبَني أُسامَةُ بنُ زَيْدٍ، وَكُنْتُ قَدْ حُدِّثْتُ أَنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ أحَبَّني فَلْيُحِبَّ أُسامَةَ. فَلَّما كَلَّمَني رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: أَمْري بِيَدِكَ فَأَنْكِحْني مَنْ شِئْتَ. فَقالَ: انْتَقِلي إلى أَمِّ شَريكٍ - وأُمُّ شَريكٍ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصارِ عَظيمَةُ النَّفَقَةِ في سَبيلِ الله يَنْزِلُ عَلَيْها الضِّيفانُ - فَقُلْتُ: سَأَفْعَلُ. فَقال: لاَ تَفْعَلي، إنَّ أُمَّ شَريكٍ كَثيرَةُ الضِّيفانِ، فَإنَّي أَكْرَهُ أنْ يَسقُطَ عَنكِ خِمارُكِ أَوْ يَنْكَشِفَ الثَّوْبُ عَنْ ساقَيْكِ فَيَرى القَوْمُ مِنْكِ بَعْضَ ما تَكْرَهينَ، وَلَكِنِ انْتَقِلي إلى ابْنِ عَمِّكِ عبدِ الله بنِ عَمْروِ بنِ أُمِّ مَكتوم- وَهُوَ رَجُلٌ من بَني فَهرٍ، فَهْرِ قُرَيْشٍ، وَهُوَ مِنَ البَطْنِ الذي هي مِنْهُ- فانْتَقَلْتُ إلَيهِ. فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتي سَمِعْتُ نِداءَ المُنادي، مُنادي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَكُنْتُ في صَفِّ النِّساءِ التي تَلي ظُهورَ القَوْمِ. فَلَمّا قَضى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم صَلاتَهُ جَلَسَ عَلى المِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقالَ: لِيَلْزَمْ كُلُّ إنْسانٍ مُصَلاّهُ. ثُمَّ قال: أَتَدْرونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟ قالوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَقال: » إنِّي وَاللَّهِ ما جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ أَوْ لِرَهْبَةٍ ولَكِنْ جَمَعْتُكُمْ لأَنَّ تَميماً الدَّارِيَّ كانَ رَجُلاً نَصْرانِيَّاً فَجاءَ فَبايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحَدَّثَني حَديثاً وافَقَ الذي كُنْتُ أُحَدِّثُكُم عن مَسيحٍ الدَّجَّالِ. حَدَّثَني أنَّهُ رَكِبَ في سَفينَةٍ بَحْرِيَّةٍ مَعَ ثَلاثينَ رَجُلاً مِنْ لَخْمٍ وجُذامٍ، فَلَعِبَ بِهُمُ المَوْجُ شَهْرَاً في البَحْرِ ثُمَّ أُرْفِؤا إلى جَزيرَةٍ في البَحْرِ حَتّى مَغْرِبَ الشَّمْسِ فَجَلَسوا في أَقْرُبِ السَّفينَةِ، فَدَخَلوا الجَزيرَةَ فَلَقِيَتْهُم دابَّةٌ أَهْلَبُ الشَّعْرِ لا يَدْرونَ ما قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثرَةِ الشَّعْرِ، فَقالوا: وَيْلَكِ ما أَنْتِ؟ فَقالَتْ: أَنا الجَسَّاسَةُ. قالوا: وما الجسَّاسَة ُ؟ قالَتْ: أيُّها القَوْمُ انْطَلِقوا إلى هَذا الرَّجُلِ في الدَّيْرِ فَإنَّهُ إلى خَبَرِكُمْ بالأَشْواقِ. قالَ: فَلَمَّا سَمَّتْ لَنا رَجُلاً فَرِقْنا مِنها أن تَكونَ شَيْطانَةً. قالَ: فانْطَلَقْنا سِراعاً حَتَّى دَخَلْنا الدَّيْرَ، فَإذا فيهِ أَعْظَمُ إنْسانٍ رَأَيْناهُ قَطُّ خَلْقاً وَأَشَدُّهُ وَثاقاً، مَجْموعَةً يَداهُ إلى عُنُقِهِ ما بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إلى كَعْبَيْهِ بِالحَديدِ. قُلْنا: وَيْلَكَ ما أَنْتَ ؟ قالَ: قَدْ قَدِرْتُمْ عَلى خَبَري، فَأَخْبِروني مَنْ أَنْتُمْ. قالوا: نَحْنُ أُناسٌ مِنَ العَرَبِ رَكِبْنا في سَفينَةٍ بَحْرِيَّةٍ فَصادَفَنا البَحْرُ حينَ اغْتَلَمَ، فَلَعِبَ بِنا المَوْجُ شَهراً ثُمَّ أَرْفأَنا إلى جَزيرَتِكَ هَذِهِ فَجَلَسْنا في أَقْرُبِها فَدَخَلْنا الجَزيرَةَ فَلَقِيَتْنا دابَّةٌ أهْلَبُ كَثيرُ الشَّعْرِ لايُدْرى ما قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعْرِ، فَقُلْنا: وَيْلَكِ ما أَنْتِ ؟ قالَتْ: أَنا الجَسّاسَةُ. قُلْنا: وما الجسّاسَة ُ؟ قالَتْ: اعْمِدوا إلى هذا الرَّجُلِ في الدَّيْرِ، فَإنَّهُ إلى خَبَرِكُم بالأَشْواقِ. فَأَقْبَلنا إلَيْكَ سِراعاً وَفَزِعْنا مِنْها وَلَمْ نَأْمَنْ أنْ تَكونَ شَيْطانةً. فَقالَ: أخْبِروني عَنْ نَخْلِ بَيْسانَ . قُلْنا: عَنْ أيِّ شَأْنِها تَسْتَخْبِرُ؟ قالَ: أسْأَلُكُم عن نَخْلِها هَلْ يُثْمِرُ؟ قُلْنا لَهُ: نَعَم. قالَ: أَما إنَّهُ يوشِكُ أَنْ لاتُثْمِرَ. قالَ: أَخْبِروني عَنْ بُحَيْرَة الطَّبَرِيَّةِ. قُلْنا: عنْ أَيَّ شَأْنِها تَسْتَخْبِرُ؟ قالَ: هَلْ فيها ماءٌ؟ قالوا: هِيَ كَثيرَةُ الماءِ. قالَ: أمَا إنَّ ماءَها يوشِكُ أنْ يَذْهَبَ. قالَ: أخْبِروني عَنْ عَيْنِ زُغَرَ . قالوا: عَنْ أَيِّ شَأْنِها تَسْتَخْبِر ؟ قالَ: هَلْ في العَينِ ماءٌ ؟ وهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُها بِماءِ العَيْنِ؟ قُلنا: نَعَم، هِيَ كَثيرَةُ الماءِ وأَهْلُها يَزْرَعونَ مِنْ مائِها. قالَ: أَخَبِروني عَنْ نَبِيِّ الأُمِّيِّينَ ما فَعَلَ ؟ قالوا: قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ. قالَ: أَقاتَلَهُ العَرَبُ ؟ قُلْنا: نَعَم. قالَ: كَيْفَ صَنَعَ بِهِم ؟ فَأَخْبَرْناهُ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَلى مَنْ يَليهِ مِنَ العَرَبِ وَأطاعُوهُ. قالَ لَهُم: قَدْ كانَ ذَلِكَ ؟ قُلْنا: نَعَم. قالَ: أَما إنَّ ذاكَ خَيْرٌ لَهُم أَنْ يُطيعوهُ، وَإنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي إنِّي المَسيحُ، وإنّي أوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لي في الخُروجِ، فَأَخْرُجُ فَأَسيرُ في الأَرْضِ، فلا أَدَعُ قَرْيَةً إلاّ هَبَطْتُها في أرْبَعينَ لَيْلَةٍ غَيْرَ مَكَّةَ وطَيْبَةَ فَهُما مُحَرَّمَتانِ عَلَيَّ كِلْتاهُما، كُلَّما أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ واحِدَةً أوْ واحِداً مِنْهُما اسْتَقْبَلَني مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتاً يَصُدُّني عنها، وإنَّ عَلى كُلِّ نَقْبٍ مِنْها مَلائِكَةٌ يَحرُسونَها. قالَتْ: قالَ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم - وَطعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ في المِنْبَرِ-: هَذِهِ طَيبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ، - يَعْني المَدينَةَ - ألا هَلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُم ذَلِكَ؟ فَقالَ الناسُ: نَعَم. فَإنَّهُ أَعْجَبَني حَديثُ تَميمٍ أنَّهُ وافَقَ الذي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ وعَنِ المَدينَةِ وَمَكَّةَ. أَلا إنَّهُ في بَحْرِ الشَّام أو بَحْرِ اليَمَنِ، لا بَل مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ، ما هُوَ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ، ما هُوَ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ ما هُو «، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إلى المَشْرِقِ. قالَتْ: فَحَفِظْتُ هَذا مِنْ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم . ولفظة » ما هُوَ « زائدة صلة للكلام ليست بنافية، والمراد إثبات أنه في جهة الشرق. الـدَّجَّال يهوديُّ المِلَّة:
روى الإمامُ مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال لي ابنُ صائد - وأَخَذَتْني منه ذمامة -: هذا عَذَرْت الناس، ما لي ولَكم يا أصْحابَ محمّد! ألَمْ يَقُلْ نَبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّه يهوديٌّ وقَدْ أَسْلَمْتُ! قال: ولا يولَدُ لَهُ، وقد وُلِدَ لي! وقال: إنَّ اللّهَ حَرَّمَ عليهِ مَكَّةَ والمدينَةَ .. الحديث . وابن صائد هذا كان يشكُّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنه الدَّجَّال في بادِئ الأمر عندما كان ابن صائد صغيراً، حيث كانت تأتيه الشياطينُ وكان يتكهَّن، ويزعم أنه يرى عرشاً على الماء - أي عرش إبليس -، ثم أسلم بعد ذلك. روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فمررنـا بصبيانٍ فيهم ابن صياد، ففرّ الصبيانُ وجلس ابنُ صياد، فكأنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كره ذلك، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: » تربتْ يداكَ، أتشهدُ أني رسولُ الله؟ « فقال: لا. بل تشهد أني رسول الله؟ فقال عمر بن الخطاب: ذرني يـا رسول الله حتى أقتله. فقـال رسول الله صلى الله عليه وسلم: » إنْ يكن الذي ترى فلن تستطيعَ قتله « . وفي رواية: أن عمر بن الخطاب انطلق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهطٍ قِبَلَ ابنِ صياد حتى وجده يعلبُ مع الصبيانِ عند أُطُمِ بني مَغالة، وقد قاربَ ابنُ صياد يومئذٍ الحُلُم، فلم يشعرْ حتى ضربَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ظهرَه بيده، ثم قـال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لابن صياد: » أتشهدُ أني رسولُ الله؟ « فنظر إليه ابنُ صياد فقال: أشهدُ أنكَ رسولُ الأمِّيِّين. فقال ابنُ صياد لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشهد أني رسولُ الله؟ فرفضه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقـال: » آمنتُ باللهِ وبرسله «، ثم قال لـه رسول الله صلى الله عليه وسلم: » ماذا ترى؟ « قـال ابنُ صياد: يأتيني صادق وكاذب، فقـال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: » خُلِّطَ عليه الأمر «. ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: » إني قد خبَّأْتُ لَكَ خَبيئا ً«، فقال ابنُ صياد: هُوَ الدُّخُّ. فقال لـه رسول الله صلى الله عليه وسلم: اخْسأْ فلن تَعْدُوَ قدرَك «. فقـال عمرُ بن الخطاب: ذرني يـا رسولَ الله أضرِبْ عنقه! فقال لـه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: » إِنْ يَكُنْهُ فلن تُسَلَّطَ عليه، وإن لم يَكُنْهُ فلا خيرَ لك في قتلـه « . ومِمَّا يدلُّ أيضاً عَلى أنَّ الدَّجَّالَ يهودي الملَّة هو أنَّه عند خروجِه مِن أصفَهان - وتدعى أصبَهان أيضاً - يتبعُه سبعونَ ألفاً من يهودِها، كما روى الإمام مسلم في الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: » يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يهودِ أصْبَهانَ سَبعونَ أَلْفاً عَليهِمُ الطَّيالِسَةُ « . والطيالسة جمع طلسان أو طيلسان ( معرّب )، وهو ضرب من الأوشحة يلبس على الكتف. ابن صائد وأبو سعيد الخدري رضي الله عنه: ولأبي سعيد الخدري رضي الله عنه مع ابنِ صائد قصص وأحداث، منهـا مـا رواه الإمام مسلم في الصحيح عنه قال: صحبتُ ابنَ صائد إلى مكّةَ فقال لي: أمَا إنّي قدْ لَقيتُ منَ النّاسِ، يزعُمونَ أنِّي الدَّجَّال! أَلَسْتَ سَمِعْتَ رسولَ اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: إنّهُ لا يولَدُ له؟ قلتُ: بَلى. قالَ: فَقَد وُلِدَ لي. أوَلَيسَ سَمِعْتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: لا يَدْخُلُ المَدينةَ ولا مَكّةَ؟ قلتُ: بَلى. قـالَ: فَقَدْ وُلِدْتُ بِالمَدينةِ وهذا أنا أُريدُ مَكَّةَ. قال: ثمّ قـالَ لي في آخِرِ قَوْلِهِ: أمَا واللهِ إنّي لأعْلَمُ مَوْلِدَهُ ومَكانَهُ وأينَ هو. قالَ: فَلَبِسَني . وهذا يدل على أن اليهود يعلمون أين هو ويتوارثون أخباره، أو يعلمه خاصتهم ممن يتعامل مع الشياطين لأن ابن صائد كان ممن تتنَزل عليه الشياطين قبل إسلامه. وَرَوى مسلم بسنده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خَرَجْنا حُجّاجاً أَوْ عُمّاراً ومَعَنا ابْنُ صائد، قال: فَنَزَلْنا مَنْزِلاً فَتَفَرَّقَ النّاسُ وبَقيتُ أنا وَهُوَ، فاسْتَوْحَشْتُ مِنْهُ وَحْشَةً شَديدَةً مِمّا يُقالُ عَلَيْهِ. قال: وجاءَ بِمَتاعِهِ فَوَضَعَهُ مَعَ مَتاعي، فَقُلْتُ: إنَّ الحَرَّ شَديدٌ، فَلَوْ وَضَعْتَه تَحْتَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ، قالَ: فَفَعَلَ. قال: فَرُفِعَتْ لَنا غَنَمٌ، فانْطَلَقَ فجاءَ بِعُسٍّ ، فَقالَ: إشْرَبْ أبا سَعيدٍ، فَقُلْتُ: إنَّ الحَرَّ شَديدٌ واللَّبَنَ حارٌّ - ما بي إلاّ أنّي أَكْرَهُ أنْ أشْرَبَ عَنْ يَدِهِ - أو قال -: آخُذُ عَنْ يَدِهِ. فَقالَ: أبا سعيدٍ! لَقَد هَمَمْتُ أَنْ آخُذَ حَبْلاً فَأُعَلِّقَهُ بِشَجَرَةٍ ثُمَّ أخْتَنِقَ مِمّا يَقولُ ليَ الناسُ. يا أبا سعيد! مَنْ خَفِيَ عَلَيهِ حَديثُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما خَفِيَ عليكُم معشَرَ الأنْصار؟ أَلَسْتَ مِنْ أعْلَمِ النّاسِ بِحَديثِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ أَلَيْسَ قَد قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هُوَ كافِرٌ، وأنا مُسْلِمٌ؟ أَوَلَيْسَ قَد قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هُوَ عَقيمٌ لا يولَدُ له، وقد تَرَكْتُ ولدي في المدينَةِ؟ أَوَلَيْسَ قدْ قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لا يَدْخُلُ المَدينةَ ولا مَكَّةَ، وَقَدْ أَقْبَلْتُ مِنَ المَدينَةِ وأنا أُريدُ مَكَّةَ؟ قال أبو سعيد: حَتّى كِدْتُ أنْ أعْذُرَهُ، ثُمَّ قالَ: أمَا واللهِ، إنّي لأعْرفُهُ وأعْرِفُ مَولِدَهُ وأينَ هُوَ الآنَ! قال: قُلْتُ لَه: تَبّاً لَكَ سائِرَ اليَوْمِ .
سبب ومكان خروج الدجال:
فأمّا مكان خروجِه فَمِن أرض الفِتن، أرض المَشرق، حيث يتبعه مِن أهلها مَن وصفهم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي والحاكم بسند صحيح عن أبي بكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: » إنّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ مِن أرْضٍ بِالمَشرِقِ يُقالُ لَها خُراسان، يَتْبَعُهُ أقوامٌ كَأَنَّ وُجوهَهُم المَجَانُّ المُطْرَقَة ُ« . أي وجوههم كالأترسة الممدودة، وهي صفة للتتار والترك. وأمّا سبب خروجه، فقد روى الإمام مسلم في الصحيح عن أمِّ المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنهما أنها قالت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قـال: » إنّما يخرج مِنْ غَضْبَةٍ يَغْضَبُه «. وفي رواية » إنّ أوَّلَ ما يبعَثُهُ على الناسِ غَضَبٌ يغْضَبُهُ « . ونحن لا ندري ما يغضب الدجال: هل هو تحرير بيت المقدس من أيدي اليهود ؟ أم هل هو انهيار القوى الصليبية بعد انتصار المسلمين على النصارى - الذين يسيرهم اليهود في العالم-؟ الله تعالى أعلم، لكن نستطيع القول أن ما يغضبه هو أمر في صالح الأمة الإسلامية، فنسأل الله تعالى أن يعجل النصر القريب. وعندما يخرج الدجال تكون همّته المدينة المنورة - حفظها الله - لسبب الله أعلم به، ولعلها تكون في ذلك الوقت معقلاً للإسلام والمسلمين، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: » إن الإسلام بدأ غريباً وسَيَعودُ كما بَدَأَ، وهُوَ يَأْرِزُ بَيْنَ المَسجِدَيْنِ كما تَأرزُ الحيَّةُ في جُحْرِها « . روى الإمام مسلم والإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل- رحمهما الله - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: » يَأْتي الْمَسيحُ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ وهِمَّتُهُ المدينَةُ حَتّى يَنْزِلَ دُبُرَ أُحُدٍ، ثُمَّ تَصْرِفُ المَلائِكَةُ وَجْهَهُ قِبَلَ الشّامِ وهُناكَ يَهْلِكُ « . إن عدم استطاعة الدَّجَّال دخول المدينة منقبة من مناقبها الكثيرة، فهي محمية تحرسها الملائكة، كما جاء في الأحاديث الصحيحة. روى مالك وأحمد والشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: » عَلى أنْقابِ المَدينَةِ مَلائِكَةٌ، لا يَدْخُلُها الطاعونُ ولا الدَّجَّالُ «. وَفي رِواية لأَنَسِ بن مالك رضي الله عنه عند البخاري والنسائي، قال صلى الله عليه وسلم: » لَيْسَ منْ بَلَدٍ إلاّ سَيَطَؤه الدَّجَّالُ ، إلاّ مَكَّةَ والمَدينَةَ، ولَيسَ نَقْبٌ مِنْ أنْقابها إلاَّ عَلَيهِ مَلائكَةٌ حافِّينَ تَحْرُسُها، فَيَنْزِلُ بالسَّبْخَةِ ، فَتَرْجُفُ المَدينَةُ بِأهْلِها ثلاثَ رَجفاتٍ، يَخرجُ إليهِ مِنها كُلُّ كافِرٍ ومُنافِقٍ «. لذلك سمَّاها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم طيبة وأنّها تنفثُ خبَثَها كما ينفث الكيرُ خبثَ الحَديد. روى البخاري عن أبي بكرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: » لا يَدْخُلُ المَدينَةَ رُعبُ المسيحِ، لَها يَومَئذٍ سَبعَةُ أبواب، على كلِّ بابٍ مَلَكان « . والأحاديث في هذا الشأن كثيرة.
صفة المسيح الدَّجَّال
لقد وصف لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المسيحَ الدَّجَّال وصفاً دقيقاً بأحاديث صحيحة مستفيضة، حتى أنه قال صلى الله عليه وسلم: » إنّي حَدَّثْتُكُم عَنِ الدَّجّالِ حتى خَشيتُ أنْ لا تَعقِلوا .. « الحديث - وسيأتي إن شاء الله-. وذلك لأنّ فتنته عظيمة، كما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: » يا أيُّها النّاسُ! إنّها لَم تَكُنْ فِتْنَةٌ على وَجْهِ الأرْضِ، مُنْذُ ذَرَأَ الله ذُرِّيَّةَ آدَمَ، أعْظَمَ مِن فِتْنَةِ الدَّجَّالِ. وإنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيَّاً إلاّ حَذَّرَ أُمَّتَهُ الدّجَالَ، وأنا آخِرُ الأَنْبِياءِ وأَنْتُم آخِرُ الأُمَمِ، وهُوَ خارِجٌ فيكُم لا مَحالَة .. « الحديث. إنَّ أهم ما يميِّز الدَّجَّالَ هو عوَر عينه اليمنى وانطماس اليسرى، وأنه مكتوب بين عينيه كافر. فلْنقرأْ حديثه صلى الله عليه وسلم وهو يصفه لنا. يقول صلى الله عليه وسلم: » إنّي حَدَّثْتُكُم عَنِ الدَّجَّالِ حَتَّى خَشيتُ ألاّ تَعْقِلوا. إنَّ المَسيحَ الدَّجَّالَ رَجُلٌ أفْحَجُ ، جَعْدٌ ، أعْوَرُ العينِ، لَيْسَتْ بِناتِئةٍ وَلا حَجْراء ، فَإنْ أُلْبِسَ عَلَيْكُم فَاعْلَموا أنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وأنَّكُمْ لَنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حَتَّى تَموتوا « . وروى البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قالَ صلى الله عليه وسلم: » ما بَعَثَ اللّهُ مِنْ نَبيٍّ إلاّ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ ، أَنْذَرَهُ نوحٌ والنَّبِيُّونَ مِنْ بَعْدِهِ، وأَنَّهُ يَخْرُجُ فيكُمْ فَما خَفِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ شَأْنِهِ، فَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكُم أنَّ رَبَّكُم لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وأنَّهُ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عَنِبَةٌ طافِيَةٌ « . وفي الحديث الذي رواه إبنُ ماجةَ والحاكم - وسيأتي بطوله - يقول صلى الله عليه وسلم مخبراً عن الدَّجَّال: » يقول أنا رَبُّكُم. ولا تروا رَبَّكم حَتّى تَموتوا. وإنَّهُ أعْورُ، وإنَّ رَبَّكُم لَيْسَ بَأعْوَرَ، مَكْتوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كافِرٌ، يَقْرَؤهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كاتِبٍ أو غِيْرِ كاتِبٍ ... « الحديث. وقَدْ رآه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في المنام ووَصَفَهُ بقولِه: » ثُمَّ أنا بِرَجُلٍ جَعْدٍ قَطَطٍ، أعْوَرِ العَيْنِ اليُمْنى كأنَّها عَنِبَةٌ طافِيةٌ، فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذا ؟ فَقيلَ لي: المَسيحُ الدَّجَّالُ « . وفي الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن حذيفة رضي الله عنه، ورواه الإمام أحمد عن أنس وسمرة وسفينة رضي الله عنهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: » إنَّ الدَّجَّالَ مَمْسوحُ العَيْنِ اليُسْرى عَلَيْها ظَفِرَةٌ، مَكْتوبٌ بَيْنَ عَيْنَيهِ كافِر « . وعينُه خضراء اللون وهي كالزجاجة، كما روى أحمد وأبو نَعيم بسند صحيح عن أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: » الدَّجّالُ عَيْنُهُ خَضْراءُ كالزجاجة « . وقد شَبَّهَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعَبْدِ العُزَّى بن قَطَن، وهو رجل من خُزاعة، فَقال: » .. ثمّ رَأَيْتُ رَجُلاً جَعْداً قَطَطاً، أعْوَرَ العينِ اليُمْنى، كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ بِابْنِ قَطَن ، واضِعاً يَدَيْهِ عَلى مَنْكِبَيْ رَجُلٍ يَطوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذا ؟ فَقالوا: المَسيحُ الدَّجالُ ... « الحديث .
ومن المنـاسب هنـا أن نذكر أن الدَّجَّال سيخرج بعد فتح المسلمين للقسطنطينيـة الفتح الثاني لهـا، وأمـا الفتح الأول فقد تم على أيدي المسلمين تحت قيادة السلطـان العثمـاني محمد الفاتح رحمه الله. روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: » لا تَقومُ السّاعَةُ حَتّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالأعْماقِ أو بِدابِقٍ ، فَيَخْرُجُ إلَيْهِم جَيْشٌ مِنْ خِيارِ أهْلِ الأرْضِ يَوْمَئِذٍ، فَإذا تَصافَّوْا قالَتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنا وَبِيْنَ الّذينَ سَبُوا مِنّا نُقاتِلْهُم. فَيَقولُ الْمُسْلِمونَ: لا واللَّهِ، لا نُخَلِّي بَيْنَكُم وَبَيْنَ إخْوانِنا. فَيُقاتِلوهُم، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لا يَتوبُ اللَّهُ عَلَيهِم أَبَداً، ويُقْتَلُ ثُلُثُهُم، أفضَلُ الشُّهَداء عِنْدَ اللَّهِ، ويَفْتَتِحُ الثُّلُثُ، لايُفْتَنونَ أبَداً، فَيَفْتَتِحونَ القُسْطَنْطينِيّةَ. فَبَيْنَما هُم يَقْتَسِمونَ المَغانِمَ قَدْ عَلَّقوا سُيوفَهُم بِالزَّيْتونِ، إذْ صاحَ فيهِمُ الشَّيْطانُ: أنّ المَسيحَ قَد خَلَفَكُم في أهْليكُم، فَيَخْرُجونَ، وذلِكَ باطِلٌ، فَإذا جاءوا الشّامَ خَرَجَ « - وفي رِواية -: » فَبَيْنَما هُم يَقْتَسِمونَ المَغانِمَ إذْ جاءِهُمُ الصَّريخُ فَقالَ: إنَّ الدَّجَّالَ قَد خَرَجَ ، فَيَتْرُكونَ كُلَّ شَيْءٍ ويَرْجِعونَ ... « وسيأتي الحديث بطوله إن شاء الله.
حديث النَّوَّاس بنِ سَمْعان رضي الله عنه : قال الإمام مسلم في صحيحه: حدثنا محمد بن مهران الرازي ( واللفظ له ) حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر عن يحيى بن جابر الطائي عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه جبير بن نفير عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: » ذَكَرَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّجَّالَ ذاتَ غَداةٍ فَخَفَّضَ فِيهِ ورَفَّعَ حَتّى ظَنَنّاهُ في طائِفَةِ النَّخْلِ، فَلَمّا رُحْنا إلَيهِ عَرَفَ ذَلِكَ فينا، فَقالَ: ما شَأْنُكُم؟ قُلْنا: يا رَسولَ اللهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَداةً فَخَفَّضتَ فيهِ وَرَفّعتَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ في طائِفَةِ النَّخْلِ! فَقالَ: » غَيرُ الدَّجَّالِ أخْوَفُني عَلَيْكُم؟ إنْ يَخْرُجْ وَأنا فيكُم فَأَنا حَجِيجُهُ دونَكُم، وإنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فيكُم فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللّهُ خَلِيفَتي عَلى كُلِّ مُسْلِمٍ. إنَّهُ شابٌّ، قَطَطٌ، عَيْنُهُ طافِئةٌ، كَأَنّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ العُزَّى بن قَطَنٍ ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَليهِ فَواتِحَ سُورَةِ الكَهْفِ. إنَّهُ خارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشّامِ وَالعِراقِ، فَعاثَ يَميناً وعاثَ شِمالاً. يا عِبادَ اللّهِ فَاثْبُتوا. قُلنا: يا رسولَ اللّهِ، وما لَبْثُهُ في الأَرْضِ؟ قالَ: أَرْبَعونَ يَوماً، يومٌ كَسَنَةٍ، ويَومٌ كَشَهْرٍ، وَيَومٌ كَجُمُعَةٍ، وَسائِرُ أيّامِهِ كَأَيّامِكُمْ. قُلْنا: يا رسولَ اللّهِ، فَذَلِكَ اليومُ الّذي كَسَنَةٍ أَتَكْفينا فيهِ صَلاةُ يَومٍ؟ قالَ: لا، أُقْدروا لَهُ قَدْرَهُ. قُلنا: يا رسولَ اللّهِ، وما إسْراعُهُ في الأَرْضِ؟ قالَ: كالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ، فَيَأْتي عَلى القَوْمِ فَيَدْعوهُم فَيُؤْمِنونَ بِهِ وَيَسْتَجيبونَ لَهُ، فَيَأْمُرُ السّماءَ فَتُمْطِرُ، والأرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَروحُ عَلَيْهِم سارِحَتُهُم أطْولَ ما كانَتْ ذُرَاً وأسْبَغَهُ ضُروعَاً وأمَدَّهُ خَواصِرَ. ثُمَّ يَأتي القَومَ فَيَدْعوهُم فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَولَهُ، فَيَنْصَرِفُ عَنْهُم فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيسَ بِأَيْديهِم شَيءٌ مِنْ أمْوالِهِم. وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقولُ لَها أَخْرِجي كُنوزَكِ، فَتَتْبَعُهُ كُنوزُها كَيَعاسيبِ النَّحْلِ. ثُمَّ يَدْعو رَجُلاً مُمْتَلِئاً شَباباً فَيَضْرِبُهُ بالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جِزْلَتَينِ رَمْيَةَ الغَرَضِ ، ثُمَّ يَدْعوهُ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ. فَبَيْنَما هُوَ كذلِكَ إذْ بَعَثَ اللّهُ المَسِيحَ ابنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ المَنارَةِ البَيْضاء شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرودَتَيْنِ واضِعاً كَفَّيْهِ عَلى أجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إذا طَأطَأَ رَأسَهُ قَطَرَ، وإذا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمانٌ كَاللُّؤلُؤِ، فلا يَحِلُّ لِكافِرٍ يَجِدُ ريحَ نَفَسِهِ إلاّ ماتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهي حَيْثُ يَنْتَهي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتّى يُدْرِكَهُ بِبابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَأتي عيسى بنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ مِنْهُ فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِم وَيُحَدِّثُهُم بِدَرَجاتِهِم في الجِنَّةِ. فَبَيْنَما هُوَ كَذلِكَ إذْ أَوْحى اللّهُ إلى عيسى أَنّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِباداً لي لا يَدانِ لأحَدٍ بِقِتالِهِم فَحَرِّزْ عِبادي إلى الطُّورِ. ويَبْعَثُ اللّهُ يَأْجوجَ وَمَأْجوجَ وَهُم مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلونَ، فَيَمُرُّ أَوائلُهُم عَلى بُحَيرَةِ طَبَرِيّة فَيَشْرَبونَ ما فيها، وَيَمُرُّ آخِرُهُم فَيَقولونَ لَقد كان بِهَذهِ مَرّةً ماءٌ. وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللَّهِ عيسى وأصْحابُهُ، حَتّى يَكونَ رَأسُ الثَّوْرِ لأحَدِهِم خَيراً مِنْ مِائَةِ دينارٍ لأحَدِكُمُ اليَوْم، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللّهِ عيسى وَأَصْحابُهُ فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمُ النَّغَفَ في رِقابِهِم، فَيُصْبِحونَ فَرْسى كَمَوْتِ نَفْسِ واحِدَةٍ، ثُمّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللّهِ عيسى وأصْحابُهُ إلى الأَرْضِ فلا يَجِدونَ في الأرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إلاّ مَلأَهُ زَهَمُهُم ونَتَنُهُم، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عيسى وَأَصْحابُهُ إلى اللَّهِ فَيُرْسِلُ اللّهُ طَيْراً كَأَعْناقِ البُخْتِ فَتَحمِلُهُم فَتَطْرَحُهُم حَيْثُ شاءَ اللَّهُ، ثُمّ يُرْسِلُ اللّهُ مَطَراً لا يَكُنّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ، فَيَغسِلُ الأرْضَ حَتّى يَتْرُكَهـا كَالزَّلَفةِ ، ثُمَّ يُقالُ لِلأَرْضِ أَنْبِتي ثَمَرَتَكِ وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ العِصابَةُ مِنَ الرُّمانَةِ ويَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهـا ويُبارَكُ في الرَّسْلِ ، حَتّى أنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإبِلِ لَتَكْفي الفِآمَ مِنَ النَّـاسِ، واللِّقْحَةَ مِنَ البَقَرِ لَتَكْفي القَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ، واللِّقْحَةَ مِنَ الغَنَمِ لَتَكْفي الفَخِذَ مِنَ النَّـاسِ. فَبَيْنَمـا هُمْ كَذَلِكَ إذْ بَعَثَ اللَّهُ ريحـاً طَيِّبَةً فَتَأخُذُهـُم تَحْتَ آباطِهـِم فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وكُلِّ مُسْلِمٍ ويَبْقى شِرارُ النَّاسِ يَتَهارَجونَ فيها تَهارُجَ الحُمُرِ، فَعَلَيْهِم تَقومُ السّاعَةُ « .
في هذا الحديث الجليل ثلاثة أشراط من أشراط الساعة الكبرى وهي: الدَّجّال، وعيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، ويأجوج ومأجوج. والحديث أيضاً يروي أحداثاً كثيرة فُصِّلَتْ في أحاديث أخرى سنأتي على ذكرها إن شاء الله تعالى. إن القسم الأول من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه يتناول الدَّجَّال وأعماله وقصته مع الشاب الذي يخرج إليه، وأما القسم الثاني فيتناول نزول عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام وقتلَه الدَّجَّال، وذكر يأجوج ومأجوج. وسنتكلم بالتفصيل إن شاء الله عن كل من هذه الأحداث.
روى ابن ماجة وابن خزيمة والحاكم والضياء كلهم عن أبي أمامـة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قـال: » يَا أيُّها النَّاسُ! إنَّها لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ عَلى وَجْهِ الأَرْضِ، مُنْذُ ذَرَأَ اللّهُ ذُرِّيَّةَ آدَمَ، أَعْظَمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَإنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيَّاً إلاّ حَذَّرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ، وأنا آخِرُ الأنْبِياءِ وأَنْتُمْ آخِرُ الأُمَمِ وَهُوَ خارِجٌ فيكُم لا مَحالةَ، فَإنْ يَخْرُجْ وأنا بَيْنَ أَظْهُرِكُم فَأنا حَجيجٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَإنْ يَخْرُجْ مِنْ بَعْدِي فَكُلٌّ حَجيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَليفَتي عَلى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَإنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ خَلَّةٍ بَيْنَ الشَّامِ والعِراقِ، فَيَعيثُ يَميناً وَشِمالاً، يا عِبادَ اللَّهِ، أيُّها النَّاسُ، فَاثْبُتوا فَإنِّي سَأَصِفُهُ لَكُمْ صِفَةً لَمْ يَصِفْها إيّاهُ قَبْلي نَبِيٌّ .. يَقُولُ: أَنا رَبُّكُم، وَلا تَرَوْنَ رَبَّكُم حَتّى تَموتُوا، وَإنَّهُ أَعْوَرُ، وَإنَّ رَبَّكُم لَيسَ بِأعْوَرَ، وَإنَّهُ مَكْتوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كافِرٌ، يَقْرَؤهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كاتِبٍ أَوْ غَيْرِ كاتِبٍ، وَإنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنَّ مَعَهُ جَنَّةً وَناراً، فَنارُهُ جَنَّةٌ، وَجَنَّتُهُ نارٌ، فَمَنِ ابْتُلِيَ بِنارِهِ فَلْيَسْتَغِثْ بِاللَّهِ وَلْيَقْرَأْ فَواتِحَ سُورَةِ الكَهْفِ . وَإنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أنْ يُسَلَّطَ عَلى نَفْسٍ واحِدَةٍ فَيَقْتُلُها، يَنْشِرُها بِالْمِنْشارِ حَتَّى تُلْقى شِقَّيْنِ، ثُمَّ يقولُ: أُنْظُروا إلى عَبْدي هذا فَإنِّي أَبْعَثُهُ ثُمَّ يَزْعُمُ أنَّ لَهُ رَبَّاً غَيْري. فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ، وَيَقولُ لَهُ الْخَبيثُ: مَنْ رَبُّكَ ؟ فَيَقولُ: رَبِّيَ اللَّهُ وَأَنْتَ عّدُوُّ اللَّهِ، أَنْتَ الدَّجَّالُ، وَاللَّهِ ماكُنْتُ أشَدَّ بَصيرَةً بِكَ مِنِّي الْيَوْمَ. وَإنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَأمُرَ السَّماءَ أَنْ تُمْطِرَ فَتُمْطِرُ، وَيَأْمُرَ الأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ فَتُنْبِتُ. وَإنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَمُرَّ بِالْحَيِّ فَيُكُذِّبونَهُ، فَلا يَبْقى لَهُمْ سائِمَةٌ إلاّ هَلَكَتْ. وَإنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَمُرَّ بِالْحَيِّ فَيُصَدِّقونَهُ، فَيَأْمُرُ السَّماءَ أن تُمْطِرَ فَتُمْطِرُ، ويَأْمُرَ الأَرْضَ أن تَنْبِتَ فَتَنْبِتَ، حَتّى تَروحَ مَواشيهِمْ مِنْ يَوْمِهِمْ ذَلِكَ أَسْمَنَ ماكانَتْ وأَعْظَمَهُ وَأَمَدَّهُ خَواصِرَ وَأَدَرَّهُ ضُروعاً، وَإنَّهُ لايَبْقَى شَيْئٌ مِنَ الأَرْضِ إلاّ وَطِئَهُ أو ظَهَرَ عَلَيْهِ، إلاّ مَكَّةَ والْمَدينَةَ، لايَأْتيهِما مِنْ نَقْبٍ مِنْ أَنقابِها إلاّ لَقيَتْهُ المَلائِكَةُ بِالسِّيوفِ صَلْتَةً، حَتَّى يَنْزِلَ عِنْدَ الكَثيبِ الأَحْمَرِ، عِنْدَ مُنْقَطَعِ السَّبْخَةِ، فَتَرْجُفُ المَدينَةُ بِأَهْلِها ثَلاثَ رَجَفاتٍ، فَلا يَبْقى فيها مُنافِقٌ ولا مُنافِقَةٌ إلاّ خَرَجَ إلَيْهِ، فَتَنْفي الخَبِيثَ مِنْها كَما يَنْفي الكِيْرُ خَبَثَ الحَديدِ، وَيُدْعى ذَلِكَ الْيَومُ يَوْمَ الخَلاصِ « الحَديث . ورَدَ في الأحاديث السابقة صفة الدجال وكيف أن الأنبياء أنذروا أممهم منه، وفي الحديث السابق وردَ ذكر جنّته وناره. وروى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: » إنَّهُ أعْوَرُ، مَعَهُ تِمْثالُ الجَنَّةِ والنَّارِ، فَالَّتي يَقولُ إنَّها الجَنَّةُ، هي النّارُ ... « الحديث. ويقول صلى الله عليه وسلم: » إنَّ مَعَ الدَّجَّالِ إذا خَرَجَ ماءً وناراً، فَأمّا الَّذي يَرى النَّاسُ أنَّها النّارُ فَماءٌ بارِدٌ، وَأَمّا الَّذي يَرى النَّاسُ أنَّها ماءٌ بارِدٌ فَنارٌ تَحْرِقُ، فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ فَلْيَقَعْ في الَّذي يَرى أَنَّها النّارُ ، فَإنَّهُ عَذْبٌ بارِدٌ « .
وروى الإمام البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود عن حذيفة وأبي مسعود رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: » لأَنا أعْلَمُ بِما مَعَ الدَّجَّالِ مِنَ الدَّجَّالِ، مَعَهُ نَهْرانِ يَجْرِيانِ، أحَدُهُما رَأيَ العَيْنِ ماءٌ أبْيَضُ، والآخَرُ رَأيَ العَيْنِ نارٌ تَأَجَّجَ. فَإِمَّا أدْرَكَهُنَّ واحِدٌ مِنْكُم فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الَّذي يَراهُ ناراً، ثُمَّ لْيَغْمِسْ ثُمَّ لِيُطَأطِئْ رَأْسَهُ فَلْيَشْرَبْ فَإنَّهُ ماءٌ بارِدٌ. وإنَّ الدَّجَّالَ مَمْسوحُ العَيْنِ اليُسْرى عَلَيْها ظَفَرَةٌ غَليظَةٌ، مَكْتوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كافِرٌ، يَقْرَؤهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، كاتِبٍ وَغَيرِ كاتِبٍ « .
وقـد حذَّرَ رسـولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى من القرب منـه، وذلك لشدة فتنتـه، فقـال: » مَنْ سَمِعَ بالدَّجَّـالِ فَلْيَنْأَ عَنْـهُ، فَوَاللَّهِ إنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتيـهِ وَهُوَ يَحْسَبُ أنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتْبَعُهُ مِمّـا يَبْعَثُ بِهِ الشُّبُهـات ِ« .
الدجال والشاب المؤمن:
قد مرَّ معنا ذكر الشاب الذي يقتله الدَّجَّال، والذي يخرج إليه من المدينة، ومسالح الدَّجَّال نازلة دبر جبل أُحُدٍ، فَيَتَحَدّاه أمام الناس كلّهم مكذِّباً إياه أنه رب. روى البخاري ومسلم -واللفظ للبخاري- عن الصحابي أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: حدثنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حديثاً طويلاً عن الدَّجَّـال، فكان فيما حدّثنا قال: » يأتي الدَّجَّالُ ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أنْ يَدْخُلَ نِقابَ المَدينَةِ، فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّبـاخِ الَّتي تَلي المَدينَةَ، فَيَخْرُجُ إلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ هُوَ خَيْرُ النَّاسِ أوْ مِنْ خِيـارِ النَّاسِ فَيَقولُ لَهُ: أشْهَدُ أنَّكَ الدَّجَّـالُ الَّذي حَدَّثَنا رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَديثَهُ، فَيَقول الدَّجَّـالُ: أَرَأَيْتُمْ إنْ قَتَلْتُ هذا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ في الأَمْرِ ؟ فَيَقولونَ: لا. فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ، فَيَقولُ: وَاللَّهِ مـا كُنْتُ فيكَ أَشَدَّ بَصيرَةً مِنِّي اليَومَ. قال: فَيُريدُ الدَّجَّـالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلا يُسَلَّطُ عَلَيْهِ « . وروى الإمـام مسلم في الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قـال: قـال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: » يَخْرُجُ الدَّجَّـالُ فَيَتَوَجَّهُ قِبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ المُؤْمِنينَ، فَتَلْقاهُ المَسالِحُ ، مَسالِحُ الدَّجَّـالِ، فَيَقولونَ لَهُ: أَيْنَ تَعْمِدُ؟ فَيَقُولُ: أَعْمِدُ إلى هَذا الَّذي خَرَجَ. قال: فَيَقولونَ لَهُ: أَوَ ما تُؤْمِنُ بِرَبِّنا؟ فَيَقولُ: ما بِرَبِّنا خَفاءٌ! فَيَقولونَ: أُقتُلوهُ. فَيَقولُ بَعْضُهُم لِبَعْضٍ: أَلَيْسَ قَدْ نَهاكُمْ رَبُّكُمْ أَنْ تَقْتُلوا أَحَداً دونَهُ؟ قال: فَيَنطَلِقونَ بِهِ إلَى الدَّجَّـالِ، فَإذا رَآهُ المُؤْمِنُ قالَ: ياأيُّها النّاسُ، هَذا الدَّجَّـالُ الَّذي ذَكَرَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قال: فَيَأْمُرُ الدَّجّالُ بِهِ فَيُشَبَّحُ ، فَيَقولُ: خُذوهُ وَشُجُّوهُ ، فَيُوسَعُ ظَهْرُهُ وَبَطْنُهُ ضَرْباً. قال: فَيَقول: أَوَما تُؤْمِنُ بي؟ فَيَقولُ: أَنْتَ الْمَسيحُ الكَذَّابُ. قال: فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُؤْشَرُ بِالْمِئْشارِ مِنْ مَفْرَقِهِ حَتّى يُفَرَّقَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ. قال: ثُمَّ يَمْشي الدَّجَّالُ بَيْنَ القِطْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقولُ لَهُ: قُمْ، فَيَستَوي قائماً. قال: ثُمَّ يَقولُ لَهُ: أَوَما تُؤْمِنُ بي؟ فَيَقولُ: ما ازْدَدتُّ فيكَ إلاّ بَصيرَةً. قـالَ: ثُمَّ يَقولُ: ياأَيُّهـا النّاسُ، إنَّهُ لا يَفْعَلُ بَعْدي بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسٍ. قـال: فَيَأخُذُهُ الدَّجَّـالُ لِيَذْبَحَهُ، فَيُجْعَلُ ما بَيْنَ رَقْبَتِهِ إلَى تَرْقُوَتِهِ نُحاساً فلا يَسْتَطيعُ إلَيْهِ سَبيلاً. قال: فَيَأْخُذُ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَيَقْذِفُ بِهِ، فَيَحْسِبُ النَّاسُ أَنَّما قَذَفَهُ إلى النَّارِ، وَإنَّما أُلْقِيَ في الجَنَّةِ. فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَذا أَعْظَمُ النّاس شَهادَةً عِندَ رَبِّ العالَمينَ « . وبهذه الأحاديثِ التي ذَكرناها تفسر لنا الحديث المختصر الذي رواه مسلم وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: » يَأْتي المَسيحُ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ وَهِمَّتُهُ المَدينَةُ حَتّى يَنْزِلَ دُبُرَ أًحُدٍ، ثُمَّ تَصْرِفُ المَلائِكَةُ وَجْهَهُ قِبَلَ الشَّامِ، وهُنالكَ يَهْلِكُ « ، أي يَقتله المسيحُ عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام.
العلامات الدّالّة على خروج الدّجّال:
وَهنا يَرِدُ سؤال: هل سيكون قبل خروج الدَّجَّال علامات تدلُّ على قرب خروجه؟ الجواب: نعم. فقد جاء في الحديث الطويل الذي رواه ابن ماجة وابن خزيمة والضياء عن أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: » وإنَّ قَبْلَ خُروجِ الدَّجَّالِ ثَلاثُ سَنَواتٍ شِدادٍ، يُصيبُ النَّاسَ فيها جوعٌ شَديدٌ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ السّماءَ السَّنَةَ الأولى أَنْ تَحْبِسَ ثُلثَ قَطْرِها، وَيَأمُرُ الأرْضَ أَنْ تَحْبِسَ ثُلُثَ نَباتِها، ثُمَّ يَأْمُرُ السَّماءَ في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَتَحْبِسُ ثُلُثَيْ مَطَرِها، ويَأْمُرُ الأرْضَ فَتَحْبِسُ ثُلُثَيْ نَباتِها، ثُمَّ يَأْمُرُ السَّماءَ في السَّنَةِ الثَّالِثَةِ فَتَحْبِسُ مَطَرَها كُلَّهُ فلا تَقْطُرُ قَطْرَةٌ، ويَأْمُرُ الأَرْضَ فَتَحْبِسُ نَباتَها كُلَّهُ فَلا تَنْبُتُ خَضْراءُ، فَلا يَبْقى ذاتُ ظَلْفٍ إلاّ هَلَكَتْ، إلاّ ما شاءَ اللَّهُ. قيلَ: فَما يُعيشُ النَّاسَ في ذَلِكَ الزَّمانِ؟ قالَ: التَّهْليلُ والتَّكْبيرُ والتَّحْميدُ، وَيُجْزِئُ ذَلِكَ عَلَيْهِم مَجْزَأَةَ الطَّعامِ «. وروى الإمام أحمد وأبو داود والحاكم بسند صحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالَ: » فِتْنَةُ الأَحْلاسِ هَرَبٌ وحَرْبٌ، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ، دَخَنُها مِنْ تَحْتِ قَدَمِ رَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي، ولَيْسَ مِنّي، إنَّما أوْلِيائي المُتَّقونَ. ثُمَّ يّصْطَلِحُ النَّاسُ عَلى رَجُلٍ كَوِرْكٍ عَلى ضِلعٍ ، ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْماء ، لا تَدَعُ أحَداً مِن هَذهِ الأمّةِ إلاّ لَطَمَتْهُ لَطْمَةً، فَإذا قيلَ انْقَضَتْ تَمادَتْ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فيها مُؤْمِناً وَيُمْسي كافِراً، حَتّى يَصيرَ النّاس إلى فُسطاطَيْنِ ، فُسطاطِ إيمانٍ لا نِفاقَ فيهِ وفُسْطاطِ نِفاقٍ لا إيمانَ فيهِ، فَإذا كانَ ذاكُمُ فَانْتَظِروا الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ غَدِهِ « . وَمِنْ عَلاماتِ خُروجِ الدَّجَّـال ما رواه أحمد وأبو داود عن معاذ رضي الله عنه عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قـالَ: » عُمْرانُ بَيْتِ المَقدِسِ خَرابُ يَثْرِبَ، وَخَرابُ يَثْرِبَ خُروجُ المَلْحَمَةِ، وَخُروجُ المَلْحَمَةِ فَتْحُ القُسْطَنْطينِيَّة، وفَتْحُ القُسْطَنْطينِيّة خُروجُ الدَّجَّالِ « . فَعمران بيت المقدس يكون على أيدي المسلمين بعد تحريره من يهود بإذن الله تعالى. وتكون الأرض المقدسة أرض الخلافة في ذلك الوقت بدليل قولِه صلى الله عليه وسلم لابن حوالة: » يا ابن حوالةَ! إذا رَأَيْتَ الخِلافَةَ قَدْ نَزَلَتِ الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ فَقَدْ دَنَتِ الزَّلازِلُ والبَلايا والأُمورُ العِظامُ، والسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ لِلنّاسِ مَنْ يَدي هَذِهِ مِنْ رِأْسِكَ « .
خلوّ المدينة من أهلها:
ويهاجر المسلمون إلى بلاد الشام لجهاد أعداء الله من يهود ونصارى، ويخرج أهل المدينة من المدينة، لا رغبة عنها بغيرها، وإنما جهاداً في سبيل الله، حتى لا يبقى فيها أحد، فتغشاها السباع والعوافي وتبقى كذلك حتى تقوم الساعة. روى الحاكم بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: » لَتَتْرُكُنَّ المَدينَةَ عَلى خَيرِ ما كانَتْ، تَأْكُلُها الطَّيْرُ والسِّباعُ « . ورواه الشيخان و أحمد بزيادة، قالَ صلى الله عليه وسلم: » يَتْرُكونَ المَدينَةَ على خَيرِ ما كانَتْ، لا يَغشاها إلاّ العَوافي - يريد عوافي السباع والطير-، وآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ راعِيانِ مِنْ مُزَيْنَةَ يُريدانِ المَدينَةَ، يَنْعِقانِ بِغَنَمِهِمـا، فَيَجِدانِها وَحْشـاً، حَتّى إذا بَلَغا ثَنِيَّةَ الوَداعِ خَرَّا علَى وُجُوهِهما « . وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قـال: » يأتي عَلى النـّاسِ زَمـانٌ لا يَبْقى فِيـهِ مُؤْمِنٌ إلاّ لَحِقَ بالشَّـامِ « .
هَلاك المَسِيحِ الدَّجَّال:
وأما قتل الدَّجَّال فيكون على يد نبي الله عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام - كما مرَّ في حديث النواس المتقدم - بعدما تصرف الملائكة وجهه عند أنقاب المدينة إلى الشام وهناك يهلك عند باب لدّ الشرقي في أرض فلسطين، أعادها الله للمسلمين. الدجال عند أهل الكتاب:
إن بني يهود مذ كذبوا بالمسيح عليه الصلاة والسلام وكفروا به وبرسالته وهم ينتظرون مسيحهم الدجال، والذي يزعمون أنهم سيعيد إليهم مجدهم وحكمهم للأرض المباركة، وعندها ستستسلم الأمم كلها لنبي إسرائيل، شعب الله المحتار. لقد اختلفت الروايات عن هذه الشخصية وتناقضت، وهذه طبيعة دين اليهود والنصارى. بل إن بعضهم من يعتبر الدجـال شخصية أسطورية من اختراع الأحبـار وكتّاب الملاحم والأساطير. وبما أن دين أهل الكتاب في » تطور « مستمر فإن بعضهم انحرف كثيراً عن جـادة الصواب وقـال بأن » الدجـال « هو عبارة عن رمز يشير إلى أن كلَّ من عـادى ويعـادي النصرانية يُعتبر » دجالاً «. وقد تفنن بعضهم وشط في تفننه عندما وصف مثلاً » الخميني « بأنه هو الدجـال، ( ولنا الحق أن نحتفظ برأينا عن الخميني! ) وقد ضمت لائحة » الدجـاجلة « بعض زعمـاء عرب وشخصيات نصرانية. بل إن بعضهم زعم أن أحد البابوات هو الدجـال بعينه. فكل ما لا يرضي هوى هؤلاء الضالين يعتبر أنه الدجال الذي أخبرت به كتبهم » المقدسة « . وقد ذكره الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام- الدجال لأقوامهم، فنحن نعلم يقيناً أن موسى وبقية أنبياء بني إسرائيل قد ذكروا لأقوامهم الدجال وفتنته، مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: » ما من نبي إلا وأنذر قومه الدجال. أنذره نوح والنبيون من بعده .. «. حتى بعض كتابـات يهود تشير أن الدجـال منهم، وأن أبويـه يهوديـان. وقد ذكر Wilhem Bousset في كتابه أن: » من المحتمل أيضاً أن المسيح الدجـال سيظهر من المناطق الشرقية من أرض فارس، حيث [توجد] قبيلة دان من الجنس العبري « . وقبل الشروع في الكلام عن نزول عيسى بن مريم عليه وعلى أمه السلام، يحسن بنا أن نتكلم هنا عن محمد بن عبد الله المهدي ، لأن مجيئه يكون قبل نزول عيسى عليه الصلاة والسلام، حيث يقود الأمة الإسلامية بالعدل والإحسان، ويقيم شرع الله تعالى، وتعود خلافة راشدة بعد أن ملئت الأرض ظلماً وجوراً. ويصلى عيسى بن مريم عليه السلام خلفه، ويحثي المال لل
| |
|
منارm نائب المدير
عدد الرسائل : 262 العمر : 33 العمل/الترفيه : طالبة الهوايات : القراءة اعلام : المزاج : الهوية : تاريخ التسجيل : 01/01/2010 عدد المواضيع : 430 السٌّمعَة : 0
| موضوع: رد: تعريف المسيح الدجال 19th يونيو 2010, 12:10 pm | |
| استاذ احمد
اسمح لى بالعودة لاكمل قراءة ذلك النص الزاخر بالمعلومات
سلمت يداك تتميز دائما بطرح كل قيم ومفيد
لك ودى وباقات وردى
| |
|